مقتطفات من حياة الوالد
الشيخ/عبدالله بن عبدالرحمن بن عبدالله بن علي الحمدان - رحمه الله –
مولده ونشأته :
ولد في بلدة البير عام 1360هـ ونشأ وترعرع ودَرَس فيها القرآن الكريم وبعض العلوم الدينية في مَدْرَسَة الكُتَّاب (المجيمع) الموجودة فوق الدكة في حي (البلاد) الواقع وسط البلدة ، ثم التحق بالمَدْرَسَة الابتدائية الحكومية النظامية بعدما افتتحت في البير بتاريخ 1/4/1374هـ ، حيث تم قبوله فيها فوراً في السنة الرابعة الابتدائية (بسبب دراسته السابقة في مَدْرَسَة الكُتَّاب) وفي عام 1375هـ أنهى دراسة المرحلتين الخامسة والسادسة الابتدائية ، ويُعتبر الوالد -حفظه الله- أكبر إخوانه وأخواته ، حيث إن له (خمسة إخوة وأختين).
مواقف ترويها والدته (جدتي) رحمها الله :
حصلت له حادثة غريبة في صغره ، ترويها لي جدتي (والدته) نورة بنت عبدالله البراك -رحمها الله- (المتوفاة عام 1404هـ) تقول تأخر والدك في المشي على قدميه وهو صغير حتى بلغ سن الرابعة أو الخامسة من عمره حيث كان (يزحف) على يديه ورجليه عند تنقله في البيت وتقول -رحمها الله- وفي يوم من الأيام كنت أصلي ووالدك بجانبي وفجأة وأثناء صلاتي انطلق يمشي على قدميه كأن لم يصبه شيء ، فارتبكت في صلاتي وعجلت بها ، وعلمت فيما بعد أن امرأة من أهل البير توفيت في نفس الوقت الذي استطاع فيه والدك أن يمشي على قدميه ، فعلمت أنها عين قد أصابته من تلك المرأة وتعافى منها بعد وفاتها -غفر الله لها- ، ومما روته لي جدتي -رحمها الله- عن والدي أنه كان يساعد والده وهو صغير ، ويذهب للأماكن البعيدة عن مساكن أهل البير (البر) من أجل أن يحش الحشيش ليطعم به البهائم الموجودة عندهم، ومما روته أيضاً -رحمها الله- أنه كان يذهب للمسجد في صلاة الجمعة باكراً لكي يحجز لوالده مكاناً في الصف الأول وبالقرب من الإمام .
انتقاله من البير للرياض وملازمته للشيخ محمد بن إبراهيم :
سافر الوالد -حفظه الله- من بلدة البير إلى الرياض في عام 1376هـ وذلك من أجل الدراسة في معهد إمام الدعوة للعلوم الشرعية والعربية ، وكان سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- في ذلك الوقت بحاجة إلى شخص يلازمه في جميـع أعمالـه العلميـة وغيرهـا فاستدعى مراقب معهد إمام الدعوة سويلم السويلـم -رحمه الله- وقال له ابحث لي من بين طلاب المعهد من يصلح لملازمتي فاختار سويلم السويلم الوالد وذهب به إلى الشيخ لمقابلته ، ويقول سويلم السويلم للوالد: أنني عندما رشحتك لملازمة الشيخ محمد بن إبراهيم ، وذكرت اسمك واسم بلدتك (البير) للشيخ ، أثنى الشيخ على أسرة آل حمدان وكان هذا من أهم الأسباب بعد الله التي ساهمت في موافقة الشيخ على ملازمة الوالد له ، ثم سأل الشيـخ الوالـد بعض الأسئلــة ، وطلب منه أن يقرأ عليــه من أحد الكتب الموجودة عنـده ، ثم تحـدث معـه الشيخ عن الشيخيــن العم/حمدان بن علي ، والعم/عبدالرحمن بن علي -رحمهما الله- وأثنى عليهما خيراً ، ثم ذكر الشيخ محمد بن إبراهيم للوالد أنه التقى بالعم/عبدالعزيز بن علي -رحمه الله- في مزرعة الشيخ عبدالله بن عبداللطيف -رحمه الله- التي كان يعمل بها العم/عبدالعزيز بن علي.
بعد ذلك أنهى الوالد دراسة المرحلة المتوسطة في معهــــد إمـــام الدعوة للعلوم الشرعية والعربية عام 1378هـ وفي عام 1379هـ أحضر والديه وإخوانه إلى الرياض وسكن حي الشميسي سنـــة واحدة وأكمل دراسة المرحلة الثانوية في المعهد حتى أنهاها في عام 1381هـ .
وقد استمر الوالد -حفظه الله- في ملازمة سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم لمدة (14) عاماً من عام 1376هـ حتى عام 1389هـ عمل من خلالها في أعمال متعددة كعمله أميناً (سكرتيراً) ملازماً للشيخ يمسك بيده ويرافقه في كل تنقلاته من البيت للمسجد ومن البيت للعمل وفي زياراته كزيارته للملك فيصل -رحمه الله- وكذلك في تنقلاته إلى مكة المكرمة والطائف ويقرأ عليه ما يقدَّم له من استدعاءات من المراجعين في موضوعات مختلفـة ، وكان يقرأ على الشيخ في درسه الأسبوعي يوم الإثنين في ساحة الصفاة الساعة العاشرة صباحاً في كتاب (شرح كتاب التوحيد) وكان يحضر هذا الدرس عدد كبير من طلبة العلم ومن غيرهم.
وكان الوالد يقضي حوالي اثنتي عشرة ساعة مع الشيخ يتخللها بعض الفراغ وقت ذهاب الشيخ لدار الإفتاء وفي رئاسة القضاء ، حيث كان الشيخ يعمل في الأسبوع ستة أيام ثلاثة منها في دار الإفتاء وثلاثة أيام أخرى في رئاسة القضاء (ورئاسة القضاة هي بمثابة المحكمة العليا الآن)، كما كان الشيخ رئيساً للإدارة العامة للكليات والمعاهد العلمية التي أصبح اسمها فيما بعد (جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) وكان للشيخ في المساء استقبالات في منزله لبعض المسؤولين والوفود الدينية التي تقدم للمملكة وله جلسة عامة بعد المغرب وجلسة خاصة بعد العشاء للأعمال الخاصة بمكتبه الخاص ، وكان وقت الشيخ -رحمه الله- مزدحماً بالأعمال حيث كان يقضي غالب وقته في القضايا التي تهم الإسلام والمسلمين وليس عنده وقت فراغ إلا قليلاً مثل بعد عصر يوم الجمعة حيث يذهب لمزرعته في الدرعية أو مزرعته في الخرج.
وكانت الإجازة الأسبوعية للوالد يوم الجمعة فقط ، ومع ذلك فقد كان يذهب مع الشيخ لجامع الإمام تركي بن عبدالله لكي يؤدي الشيخ خطبة الجمعة والصلاة ، ثم بعد ذلك تتاح الفرصة للوالد للرجوع للمنزل وقت القيلولة بين الظهر والعصر إذا لم يكن عند سماحة الشيخ ضيوف أو لم يكن مدعواً على الغداء ، ومن حسن حظ الوالد أن الدوائر التي كان الشيخ يعمل فيها كلها قريبة من معهد إمام الدعوة للعلوم الشرعية والعربية فكانت فرصة للوالد لمواصلة دراسته في المعهد حيث تخرج من المعهد وكان ترتيبه الخامس من بين الطلاب.
المنازل التي سكنها الوالد -حفظه الله- بعد ارتحاله من البير واستقراره في مدينة الرياض :
أولاً: استأجر بيتاً في حي الشميسي لمدة سنـــة واحدة عام 1379هـ ، وذلك بعد قدومه من البير كما ذكرت ذلك آنفاً .
ثانياً: استأجر بيتاً في حي الدوبية سنة واحدة عام 1380هـ .
ثالثاً: بنى الوالد بيتاً في حي معكال عام 1381هـ وسكنه سنة واحدة ثم باعه بـ (28 ألف ريال) وكان قد باع في نفس هذه السنة 1381هـ بيت البير على العم علي بن عبدالرحمن بـ (5 آلاف ريال) .
رابعاً: بنى الوالـد بيتـاً في حي الريس عـام 1382هـ وقـد توفي جـدي عبدالرحمن -رحمه الله- في نفس هذه السنة بسكتة قلبية أثناء بنيانه البيت في حي الريس ، حيث كان يعمل فيه (أستاد) بنيان في 11/محــــرم من عام 1382هـ عن عمر يناهز (44) سنة تقريبـاً ، حيث إنـه من مواليـد عـام 1338هـ ، وقـد كـان عمـر والــدي -حفظه الله- في ذلك الوقت (22) سنة تقريباً لكونه من مواليد عام 1360هـ ، وقد أصبح العائل الوحيد لوالدته وإخوانه بعد وفاة والده -رحمه الله- .
خامساً: استأجر بيتاً في حي الشميسي مدة سنتين عام 1383هـ وعام 1384هـ .
سادساً: بنى بيتين وسكن فيهما في حي الجراديـة عام 1385هـ ثم بعد سنة أو أكثر باع واحداً وسكن الآخر لمدة خمس سنوات .
سابعاً: استأجر بيتاً في نفس حي الجرادية وبالقرب من المسكن السابق لمدة سنة واحدة عام 1391هـ .
ثامناً: استأجر آخر بيت له في حي الجرادية لمدة سنة واحدة شرق منزل العم/محمد بن حمدان -رحمه الله- عام 1392هـ .
تاسعاً: بنى أول فيلا مسلحة له في حي عليشة عام 1393هـ وسكنها سنة واحدة ثم باعها .
عاشراً: استأجر بيتاً مسلحاً في حي عتيقة وسكنه سنة واحدة عام 1394هـ .
الحادي عشر: بنى وسكن أول فيلا له بحي البديعة عام 1395هـ ومكث فيها اربع سنوات حتى عام 1398هـ ، ثم بنى الفيلا الثانية وسكنها لمدة سنة واحدة في عام 1399هـ ، ثم استأجر فيلا لمدة سنة واحدة عام 1400هـ ، ثم بنى وسكن آخر فيلا له في حي البديعة عام 1401هـ ومكث فيها ست سنوات حتى عام 1406هـ .
الثاني عشر: بنى مجمعاً سكنياً للاستثمار في حي العليا بالقرب من منزل أخيه العم/عبدالعزيز، وسكن في ثلاث وحدات منها .
الثالث عشر: بنى مجمع فلل له ولأولاده في حي المغرزات وانتقلوا إليه ولا يزال ساكناً مع أولاده فيه حتى كتابة هذه السطور، وللوالد -حفظه الله- تسعة عشر ولداً الذكور منهم اثنا عشر والإناث سبع .
اعمال الوالد :
عمل في مجال البناء والتعمير بالإضافة إلى عمله في مجلس القضاء الأعلى ، حيث تقلد عدداً من المناصب الإدارية ومنها عمله في عام 1381هـ (مفتش محاكم)، وفي عام 1385هـ عمل مساعداً للشؤون المالية ، وفي عام 1386هـ عمل سكرتيراً للشؤون المالية ، وفي عام 1390هـ عمل محرراً بأمانة مجلس القضاء ، وفي عام 1394هـ عمل مديــــراً لإدارة مجلس القضاء ، وفي عام 1397هـ عمل مساعـــــداً لأمــين مجلس القضاء ، وفي عام 1401هـ عمل مديــراً لمكتب وكيــل وزارة العدل، وفي بداية عام 1402هـ تقاعد مبكراً من عمله قبل وفـــــاة الشيخ عبدالله بن محمد بن حميـــد -رحمه الله- الـــذي تولى رئاسة المجلس خلفاً للشيخ محمد بن إبراهيم ، بعد ذلك تفرغ الوالد لأعمال البناء والتعمير .
وفي عام 1406هـ أنشأ الوالد مدرسة العناية الأهلية قسم رياض الأطفال في حي الملك فهد ، ثم بعد ذلك أنشأ مجمع مدارس العناية الأهلية لتضم جميع المراحل الدراسية بقسميها (البنين والبنات) ، ولقد تميزت المدارس على مدى أكثر من (36) عاماً في حصد الكثير من الجوائز والمراكز على مستوى منطقة الرياض وعلى مستوى المملكة العربية السعودية ، هذا بالإضافة لاستمراره في مزاولة عمله في البناء والتعمير .
وفي عام 1414هـ أنشأ الوالد المزرعة التي أسماها (مزرعة المعمورة) في بلدة البير، حيث آلت إليه بموجب النظام ، وغرس فيها مجموعة متنوعة من النخيل ، وبنى فيها مجمعاً يضم وحدات سكنية صغيرة له ولأبنائه ، كما أنشأ عند مدخل المزرعة على الطريق العام لبلدة البير محطةً لتحلية المياه ومسجداً لوجه الله تعالى يستفيد منهما عابر السبيل .
دور الوالد -حفظه الله- في أسرة آل حمدان :
ترأس إدارة ديوانية أسرة الحمدان أهل البير والغاط منذ نشأتها في عام 1404هـ وحتى تاريخه بالتصويت وذلك لما يتمتع به من حنكة وخبرة قيادية ورؤية ثاقبة ، ويُعتبر من الداعمين المهميـن لجميع أنشطتها ، كما أن له جهوداً كبيرة في السعي في مصالح بلدة البير وأهلها .
أطال الله في عمر والدنا الغالي وحفظه ومتعه بالصحة والعافية .
أعدها ابنه : محمد (أبو طارق) 30/11/1442هـ